الجزائر والإمارات تتفاوضان حول شراكة في الموانئ والزراعة

استثمارات قد تزيد قيمتها عن 50 مليار دولار في 4 سنوات
الجزائر والإمارات تتفاوضان حول شراكة في الموانئ والزراعة

كامل الشيرازي من الجزائر: يشهد اجتماع اللجنة الجزائرية الإماراتية المشتركة، المستمر حاليا بالعاصمة الجزائرية حراكا يرشحه مراقبون ليحدث "ثورة" في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، في ظل مراهنة كل من الجزائر والإمارات على رفع رقم مبادلاتهما الاقتصادية، في وقت يتطلع الطرف الإماراتي إلى تحقيق طفرة لافتة من نوعها، بإعلان وزير الاقتصاد الإماراتي "سلطان المنصوري" عن تطلع بلاده لتأسيس صندوق استثمار في الجزائر، وتوقعه بلوغ إجمالي استثمارات بلاده في الجزائر حدود 50 مليار دولار في آفاق العام 2010.

وقالت مصادر من الاجتماع لـ"إيلاف" أنّ المسؤولين الجزائريين ونظرائهم الإماراتيين عاكفون على بحث صيغ شراكة ثنائية في مجال الموانئ والزراعة، وهو ما لم ينفه وزير المال الجزائري "كريم جودي"، بيد أنّ الأخير رفض إعطاء أي تفصيلات إلى حين الانتهاء من المفاوضات بهذا الشأن، وتعتزم "موانئ دبي" الرائدة عالميا في تسيير الموانئ لإبرام إتفاق مع السلطات الجزائرية قبل نهاية السنة الجارية للحصول على رخصة تسيير "ميناء الجزائر العاصمة" الذي يعدّ الميناء الرئيسي في الجزائر، ويصنف ميناء الجزائر الذي يعد التجربة الأولى في خصخصة الموانىء كأول ميناء تجاري من عشرة موانىء تنتشر على السواحل الجزائرية ويحتل حصة مايزيد عن نسبة 47 بالمئة مجمل نشاطات الموانئ التجارية في البلاد، كما يعالج أكثر من أربعمائة ألف حاوية سنويا، هذا ماجعله يأتي في مقدمة نشاطات الموانىء الجزائرية.

وتسعى مجموعة "موانئ دبي''، للحصول على حق تسيير مينائي الجزائر العاصمة وجيجل، وقد وصلت محادثات مسؤوليها مع السلطات الجزائرية إلى مستوى جد متقدم، بعد موافقة دوائر القرار هناك على مطلب الشركة الإماراتية بمنحها حق التسيير في ميناء الجزائر موازاة مع حصولها على نسبة 50 بالمئة من نهائي الحاويات، وإن لم يكشف عن بنود الاتفاق إلى غاية التوقيع الفعلي، إلاّ أنّ معلومات حصلت عليها "إيلاف" تفيد بأن موانىء دبي ستتولى تحديث الأجهزة التقنية للميناء، ووضع خطة لتسيير حركة الحاويات تفاديا للإكتظاظ الكبير الذي يعرفه ميناء الجزائر بصفة دائمة ما تسبب في معوقات أثرت بالسلب على النشاط الإقتصادي في الجزائر.

وقد قدرت كلفة الاستثمارت في مرحلتها الأولى حسب إقتراح قدمته موانىء دبي بنحو70 مليون دولار لميناء الجزائر العاصمة، بينما يتراوح المبلغ المقترح لميناء جن جن بمدينة جيجل الواقعة على السواحل الشرقية للعاصمة الجزائرية مابين 120 و150 مليون دولار، وتتواصل المفاوضات بين الشركة الإماراتية وممثلي الحكومة الجزائرية فيما يخص هذا الميناء الذي كان في وقت سابق معدا لإقامة منطقة التجارة الحرة المسماة ( بلارة ) تحضيرا لما بعد إتفاق الشراكة الموقع مع الإتحاد الأوربي المبرم قبل ثلاث سنوات.

وعلى سبيل تجاوز المآزق التي ظلت تربك عديد الاسثمارات الإماراتية في الجزائر، تريد الإمارات إنعاش تعاطيها مع السوق الجزائرية عن طريق إطلاق مشاريع بالجملة في قطاعات الصناعة، الخدمات، الزراعة والطاقة، وأكّد وزير الاقتصاد الإماراتي "سلطان المنصوري" بهذا الشأن أن نتائج المحادثات "طيبة لحد الآن"، ويبدي الطرف الإماراتي اهتماما كبيرا في الاستثمار في القطاع الزراعي، من خلال إنشائه لمجموعة من "المزارع النموذجية"، كما يهتم البلدان أيضا بتحديد قائمة المنتوجات المستوردة بينهما على درب خلق توازن وتكامل بين المبادلات التجارية التي زادت قيمتها عن 444 مليون دولار العام المنقضي.

وتعليقا على الضجة التي ترافق استمرار احتباس مشاريع استثمارية إماراتية ضخمة في قطاعات العقار والسياحة والبترول والغاز والصناعة وتطوير الموانئ والبنوك، لا يزال اصحابها بانتظار الضوء الأخضر، رغم كون هذه المشاريع تسيل لعاب أكثر من دولة في العالم، تعهّد وزير المال الجزائري "كريم جودي" ببذل بلاده لكافة الجهود في سبيل تذليل الصعوبات التي قد تعترض السير الحسن لهذه المشاريع، مشيرا إلى أنّ مجموعة "إعمار" التي تزيد قيمة عقودها الخمس مليارات دولار في مرحلة أولى، تناقش حاليا مع الأطراف المعنية رفع العراقيل التي تواجه تنفيذ مشاريعها الأربعة المتمثلة في إنجاز مجموعة متكاملة من القرى السياحية ومنشآت ترفيه ووحدات سكنية حديثة متميزة عن تلك التي طرحها مطورون عقاريون في السوق المحلية، عن طريق مخطط سمي "جون الجزائر" يهتمّ بإعادة تهيئتها وإقامة بنايات عصرية على طراز البنايات التي تزيّن مدينة دبي، حيث يسعى المجمع لإنشاء فنادق راقية وأبراج للأعمال وعمارات سكنية من النوع الممتاز ومحلات تجارية عصرية ومساحات للفسحة والتسلية.

وسجلت الإمارات خلال الفترة الممتدة من 2002 إلى 2007 مشاريع استثمارية بقيمة إجمالية قدرت قيمتها بـ 1.1 مليار دولار، ما يجعلها تحتل مرتبة رابع أكبر مستثمر أجنبي في الجزائر، وتنفذ دولة الإمارت في الجزائر العديد من الاستثمارت في مجالات الإسكان والفندقة والسياحة والبنوك والصناعات الغذائية وتعد من أكبر الدول التي تنشط في السوق الجزائرية بإستثمارات تفوق في الوقت الراهن عارضة الستة مليارات دولار، وهذا التواجد المكثف للشركات الإماراتية في الجزائر مرده إالى العلاقات التي نسجها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مع المرحوم الشيخ زايد بن سلطان عندما كان مستشارا في ديوانه في أعوام التسعينيات قبل أن يصبح رئيسا للجزائر اعتبارا من العام 1999.

وتسعى الجزائر لتحويل جزء من مديونيتها الخارجية تجاه الإمارات والمقدّرة بنحو330 مليون دولار إلى استثمارات، بعدما كشف "حاجي بابا عمي" مدير عام الخزينة العامة في الجزائر، إنّ القيمة الإجمالية لدين بلاده الخارجي، وصلت إلى833 مليون دولار في سبتمبر الماضي.